رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد خروجه من الطائف ستة أشهر، ثم أمره اللَّه بغزو تبوك، وهى التى ذكر اللَّه ساعة العسرة، وذلك فى حر شديد، وقد أكثر النفاق. وكثر أصحاب الصفة، والصفة بيت كان لاهل الفاقة، يجتمعون فيه فتأتيهم صدقة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والمسلمين، وإذا حضر غزو عمد المسلمون اليهم، فاحتمل الرجل الرجل أو ما شاء اللَّه يشبعه. فجهزوهم، وغزوا معهم، واحتسبوا عليهم، فأمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ـ المسلمين بالنفقة عليهم فى سبيل اللَّه والحسبة، وأنفقوا احتسابا، وأنفق رجال غير محتسبين، وحمل رجال من فقراء المسلمين، وبقي أناس. وأفضل ما تصدق به يومئذ احد عبد الرحمن بن عوف، تصدق بمأتى أوقية، وتصدق عمر بن الخطاب بمائة أوقية وتصدق عاصم الانصارى بتسعين وسقا من تمر، وقال عمر بن الخطاب: يا رسول اللَّه إنى لا أرى عبد الرحمن إلا قد احتوب، ما ترك لاهله شيئا. فسأله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هل تركت لأهلك شيئا؟ قال: نعم، أكثر مما أنفقت، وأطيب، قال: كم؟ قال: ما وعد اللَّه ورسوله من الرزق والخير، وجاء رجل من الانصار يقال له أبو عقيل بصاع من تمر فتصدق، وعمد المنافقون حين رأوا الصدقات فإذا كانت صدقة الرجل كثيرة تغامزوا به وقالوا: مرائي. وإذا تصدق الرجل بيسير من طاقته تمرا، قالوا: هذا أحوج الى ما جاء به، فلما جاء أبو عقيل بصاعه من تمر، وقال وهو يعتذر ويستحي: وتركت الآخر لاهلى، فقال المنافقون: هذا أفقر الى صاعه من غيره، وهم فى ذلك ينتظرون يصيبون من الصدقات غنيهم، وفقيرهم، فلما