النَّظَرُ الثَّالِثُ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْجِنَايَةِ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ آثَارٍ الْأَثَرُ الْأَوَّلُ الْقِصَاصُ وَالْبَحْثُ عَنْ مَحَلِّهِ وَشُرُوطُهُ وَكَيْفِيَّتُهُ وَمَنْ يَتَوَلَّاهُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَبْحَاثٍ الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الْمَحَلِّ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ النَّفْسُ وَالْعُضْوُ وَالْمَنْفَعَةُ وَالْجُرْحُ الْمَحَلُّ الْأَوَّلُ فِي النَّفْسِ وَأَصْلُهَا قَوْله تَعَالَى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ} وَفِي الْكتاب يقتل الصَّحِيح بالسقيم الاجزم الْأَبْرَصِ الْمَقْطُوعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَإِنَّمَا هِيَ النَّفْسُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفسِ} وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا وَالرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَة بِالرجلِ وَفِي الْجرْح بَيْنَهُمَا الْقِصَاصُ قَالَ اللَّخْمِيُّ تُقْتَلُ الْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ وَلَيْسَ عَلَى أَوْلِيَائِهَا فَضْلُ دِيَةِ الرَّجُلِ وَيُقْتَلُ الْبَالِغُ بِالصَّغِيرِ وَالْعَاقِلُ بِالْمَجْنُونِ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُمَا لِأَن الْقَاص عَذَابٌ لَا يَثْبُتُ إِلَّا مَعَ التَّكْلِيفِ فَعَمْدُهُمَا خَطَأٌ فَإِنْ جُنَّ بَعْدَ الْقَتْلِ وَلَمْ يُفِقْ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أُيِسَ مِنْهُ فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُقْتَصُّ مِنْهُ نَظَرًا لِحَالَةِ الْجِنَايَةِ وَإِنِ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ لَمْ يُقْتَلْ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعِبَادِ أَقْوَى قَالَ وَهُوَ بَيِّنٌ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ حَقَّهُ نَاقِصًا كَمَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْحُرِّ وَلَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ وَلَا الْمُسْلِمُ بِالنَّصْرَانِيِّ فِي قَتْلٍ وَلَا جُرْحٍ وَيُقْتَصُّ مِنَ الْعَبْدِ وَالنَّصْرَانِيِّ فِي النَّفْسِ لِأَنَّ الدَّنِيَّ يُقْتَلُ بالأعلى بِخِلَاف الْعَكْس وَاخْتلف فِي الْجرْح فَعَن مَالك لَا يقْتَصّ مِنْهُمَا فِيهَا وَعَن الْقِصَاصِ قِيَاسًا عَلَى النَّفْسِ وَعَنْهُ مُنِعَ الْقِصَاصُ فِي الْعَبْدِ دُونَ النَّصْرَانِيِّ لِأَنَّ الْعَبْدَ يُسَلَّمُ وَالنَّصْرَانِيِّ لَا يُسَلَّمُ وَفِي ذَلِكَ تَسْلِيطٌ عَنِ الْمُسْلِمِينَ يَقْلَعُ عَيْنَ الْمُسْلِمِ وَيُعْطِيهِ دَرَاهِمَ وَيُعِينُهُ أَهْلُ جِزْيَتِهِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يُخَيَّرُ الْمُسْلِمُ فِي الْقصاص وَالدية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015