يَأْبَى ذَلِكَ الِاتِّفَاقَ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: إِذَا غَصَبَ ذَهَبًا فَتَجَرَ فِيهِ أَوْ عَرَضًا فَبَاعَهُ وَتَجَرَ بِثَمَنِهِ فَذَلِكَ لِلْمَالِكِ وَالْمُشْتَرَى مِنَ السِّلَعِ لَهُ أَيْضًا وَالْأَرْبَاحُ لَهُ وَقَالَ (ش) وَ (ح) الرِّبْحُ لِلْغَاصِبِ تَنْبِيهٌ: قَوْلُ صَاحِبِ الشَّرْعِ وَالْعُلَمَاءِ: (الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ) لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْغَاصِبَ وَغَيْرَهُ يَأْخُذُ الْغَلَّةَ بِسَبَبِ أَنَّهُ ضَمِنَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْعَيْنَ إِذَا لَمْ تَتَغَيَّرْ رَدَّهَا وَبَرِئَ مِنْ ضَمَانِهَا وَمَعَ ذَلِكَ فَلَهُ الْغَلَّةُ وَالْعَيْنُ لَا تُضْمَنُ إِلَّا إِذَا هَلَكَتْ أَوْ تَغَيَّرَتْ وَإِلَّا فَلَا وَمَعْنَى قَوْلِنَا الْمُتَعَدِّي ضَامِنٌ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ التَّغَيُّرِ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ وَهَذَا التَّقْرِيرُ هُوَ أَحَدُ أَسْبَابِ الْخِلَافِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ تَوَقُّعُ الضَّمَانِ فِي الْعَقَارِ أَبْعَدَ لَمْ تَكُنِ الْغَلَّةُ لِلْغَاصِبِ لِضِعْفِ السَّبَبِ أَوْ يُلَاحَظُ أَنَّ الْغَلَّةَ مَغْصُوبَة فَيضمن كَمَا يضمن الأَصْل بِنَاء أَنَّ الْغَصْبَ وَضْعُ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ أَوْ لَيْسَتْ مَغْصُوبَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَصْبَ فِعْلٌ وَالْغَاصِبُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فِعْلٌ فَلَا يَضْمَنُ وَقَالَهُ (ح) خِلَافًا لِ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَلِظَاهِرِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ) وَفِيهِ النَّظَرُ لِقَاعِدَةٍ أُخْرَى أُصُولِيَّةٍ وَهِيَ: أَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فَهَلْ يُلَاحَظُ عُمُومُ اللَّفْظِ أَوْ يُلَاحَظُ خُصُوصُ السَّبَبِ؟ وَهُوَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الْمُشْتَرِي لِلْعَبْدِ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا فَرَدَّهُ فَطَلَبَ الْبَائِعُ خَرَاجَ عَبْدِهِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَلِكَ فَعَلَى هَذَا يَخْتَصُّ اسْتِحْقَاقُ الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ بِشُبْهَةٍ بِخِلَافِ الْعُدْوَانِ الصِّرْفِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَبَبَ الْمِلْكِ وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (لَيْسَ لِعَرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ) وَعِرْقُ الظَّالِمِ مَا يُحْدِثُهُ فِي الْمَغْصُوبِ أَوْ يُلَاحَظُ الْفُرُوقُ الْمُتَقَدِّمَةُ فَهَذِهِ مَدَارِكُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015