أَنْ يَنْوِيَ الْمُشَافَهَةَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْكَلَامِ إِنَّمَا مَا هُوَ يَدُلُّ عَلَى الْمَقَاصِدِ وَالْحُرُوفُ الْكِتَابِيَّةِ فِي ذَلِكَ كَالنُّطْقِيَّةِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يَنْوِي فِي الْكِتَابِ وَيَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ الْكِتَابُ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ سَلَّمَ اثْنَتَيْنِ فَأَسْمَعَهُ الثَّانِيَة حنث قَالَ ابْن ميسر لَا يَحْنَث وَإِن أرتج عَلَى الْحَالِفِ فَلَقَّنَهُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ بِخِلَاف الْعَكْس وَأما إِذا أم الْحَالِف فَرد عَلَيْهِ الْمَحْلُوف قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِنْ سَمِعَ رَدَّهُ وَحنث قَالَ ابْن الْقَاسِم وَلَو مر الْمَحْلُوف نَائِمًا فَقَالَ لَهُ الصَّلَاةُ يَا نَائِمُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَعَرَفَهُ حَنِثَ وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ لِشِدَّةِ النَّوْمِ كَالْأَصَمِّ وَكَذَلِكَ لَوْ كَلَّمَهُ وَهُوَ مَشْغُولٌ بِكَلَامِ رَجُلٍ وَلَمْ يَسْمَعْهُ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنَّهُ كَلَّمَهُ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ تَيَقَّنَ نَوْمَهُ وَلَمْ يَنْتَبِهْ لِكَلَامِهِ لَا يَحْنَثُ كَالْمَيِّتِ وَالْبَعِيدِ وَلَوْ كَلَّمَ غَيْرَهُ يَظُنُّهُ إِيَّاهُ قَاصِدًا لِلْحِنْثِ لم يَحْنَث لِأَن الْقَصْد إِنَّمَا يوثر فِي الْحِنْثِ إِذَا كَانَ عَلَى حِنْثٍ وَهُوَ هَا هُنَا عَلَى بِرٍّ وَلَوْ كَلَّمَهُ يَظُنُّهُ غَيْرَهُ حَنِثَ لِأَنَّ الْجَهْلَ لَيْسَ عُذْرًا قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ إِلَّا نَاسِيًا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي النِّسْيَانِ وَلَوْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْحَالِفُ لَا يُكَلِّمُهُ إِلَّا بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ فِي الصَّلَاةِ لَيْسَتْ كَلَامًا بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهَا حُرُوفٌ كَالْكَلَامِ وَحُرُوفُهَا دَالَّةٌ عَلَى حُرُوفِ الْقَوْلِ فَيَتَنَزَّلُ أَحَدُهُمَا مَنْزِلَةَ الْآخَرِ وَقَالَ غَيْرُهُ يَحْنَثُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا} آل عمرَان 41 والْأَصْلُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الِاتِّصَالُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّسُولِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْنَثُ فِيهِ وَلَا فِي الْكِتَابَةِ إِلَّا أَنْ يُسْمِعَهُ الْكَلَامَ الَّذِي أَرْسَلَ بِهِ الرَّسُولَ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيُكَلِّمَنَّهُ لَمْ يَبَرَّ بِالْكِتَابَةِ قَالَ أَشْهَبُ وَلَو رَجَعَ الْكتاب بعد قِرَاءَته بِقَلْبِهِ دُونَ لِسَانِهِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْحَالِفَ لَا يقْرَأ جَهرا لَا يَحْنَث بقراة قلبه وَلَو كتب الْمَحْلُوف إِلَى الْحَالِفِ فَقَرَأَ كِتَابَهُ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَشْهَبَ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِ وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ لَوْ أَمَرَ الْحَالِفُ مَنْ يَكْتُبُ فَكَتَبَ وَلَمْ يَقْرَأْهُ عَلَى الْحَالِفِ وَلَا قَرَأَهُ الْحَالِفُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قَرَأَهُ الْحَالِفُ أَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ حَنِثَ إِذَا قَرَأَهُ