فرائد الحظوظ والحبور، وكانت حالي قد أناخت بذراه الرحب، وآمالي قد كرعت في مورده العذب، إذ هو سماء تمطر، وبحر لا يكدر وغيث ممرع يحيا به المجدب؛ وما زلت روم لقاءه على تراخي الأيام، فيحول بيني وبينه قدر لا يرام، وعقال تقاضيه غير مطلق، وباب الرجاء به مغلق؛ فأعملت المداد والأقلام؛ برجز صنعته، وكلام وضعته، والغرض فيه امتداحه، والقصد منه استمناحه، وهو في معنى ما تضمنته كتب التواريخ؛ قطفت عيون زهرها، والتقطت مكنون دررها، واقتصرت على أقلها دون أكثرها، مما لا يسع جهله؛ وحذقت كل حديث يتغلغل، وخبر يتسلسل، وما اتصل بذلك من أخبار املاكها الدرس، إلى وقتنا هذا، ومن وليها من بني أمية وغيرهم. وذكرت من ولي الخلافة بالمشرق من بني العباس بعد المطيع لله إلى وقتنا هذا، وهو وقت التاريخ الذي ذكرته في الارجوزة، والإمام الآن فيه القائم بأمر الله ابن القادر بالله، وقصدت إلى معنى الاستذكار به لجوامع التاريخ والأخبار، وسلكت مذهب الاختصار، رجاء أن تطلعني قريحتي على مغزاه، وتنشط منتي إلى قرب مرماه، وقدمت أولاً مقدمات من أصول الاعتقادات.