فإنه كان - زعموا - ممن وسع هذه الخلال، وجمع هذه الأحوال، حاشا التي في السرة فإنه انتبذ عنها، وبرئ إلى أصحابه الشعراء منها. وما ينقضي التعجب من السميسر، فإنه لما سمع المتنبي يقول:

أوكم آدم سن المعاصي ... وعلمكم مفارقة الجنان حسده على غلوه فقال بيته المتقدم الذكر:

إن كان قد أخرجه ذنبه ... فما لنا نشرك في الأمر - والسميسر في هذا كما يحكى عن بعض الرواة قال: كان أحد المخنثين قد تسربل المجون، وعبد البطالة والجنون، حتى مح شبابه، وأقصر أترابه، ولم يدع عاراً إلا ركبه، ولا أثماً إلا ارتكبه، فطاف به طائف اعتلال، بعد طول إملاء من الله وإمهال، فكان يقول: أي رب، بأي ذنبٍ أخذت، وعلى أي جريرة عوقبت -! هذا كان استغفاره، حتى محا الموت أخباره.

وقال أيضاً:

يا شعراء العصر لا يتحسبوا ... شعركم مذ كان محسوسا

فإنما حيكم ميت ... كأنما محييكم عيسى

إن كان منظومكم عندكم ... سحراً فمنظومي عصا موسى وقال في أبي عبد الله بن الحداد بالمرية:

قالوا ابن حداد فتى شاعر ... قلت وما شعر ابن حداد -

أشعاره مثل فرخ الزنى ... فتش تجد أخبث أولاد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015