لو استحله، وهو وإن كان اليوم، بالحضرة العظمى قرطبة، يعسوب الإسلام، ومدار الأنام، وجماع النقض والإبرام، فلهذا الشأن الذي تصديت لإقامة أوده بهذا الديوان، من عنايته أوفر نصيب، ولأهله من استقلاله وكفايته حمى غير مقروب، وقد رفعت له على علمه نار، فضربت عليه في حرمه أرواق وأستار، وسارت على ألسنة الركبان من كلمه رسائل وأشعار، أجزل من ذكر أبان، وأحسن من الحديث عن جنان، وأوضح من عذر قريش في حب عثمان، ولم أظفر منها عند تحرير هذه النسخة من هذا الكتاب، إلا بهذا الجواب، وفيه متعة جد كافية، وعلامة من الفضل غير خافية، ويعلمك بجنى الشجرة الواحدة من ثمرتها، ويدلك على خزامى الأرض النفحة من رائحتها.
@جملة من شعر ابن شماخ
من ذلك ما أنشدنيه لنفسه من جملة أبيات اندرجت له في رسالة موشحة عارض بها بديع الزمان في طريقته، وضربها على قالب سبيكته، يقول فيها:
أودت بنخوة أهل حمص بديعة ... ملأت قلوبهم علي حفائظا
فتشت فيهم قارضاً يأتي بها ... فكأنما فتشت فيها القارظا