ونجري. سألمع لك في شأني بلمعة واختصر، فقد يروي - وإن قل - الزلال الخصر. كان مدة في يدي زمام بلدي، ثم نقلت إلى حمص، وكانت لخم متى شاءت أمراً لم تعص، فلما رمت بصنهاجة اللجج، وثار لهم ذلك الرهج، في يوم أشرعت فيه الأسنة، وأجهضت لشدة خطبه الأجنة، فانتهب مالي كما انتهب مال المصر، وكسد في حمص سوق النظم والنثر، زهدنا فيها فمقتناها، وسكتنا عن الكتابة فما أبناها، ولجأنا إلى غافق، بعلق من الأدب غير نافق، بحيث يتساوى الجهل والعلم، ويصفع البليغ الفدم؛ وإني - أعز الله الفقيه - وإن كان أوطاني الله منها أوطاني، وأعطاني منها أعطاني، وآواني منها إيواني، لعدم الشكل، لغريب فيها بين الأحبة والأهل. فإن تبك عين الفقيه الشفيق، ضياع صديق، فلتبك مني لطائر كريم، رد إلى وكر لئيم، ولترث لدرة سنية، ردت إلى صدفة دنية، وحسبنا الله! أنا المصدور أكثرت نفثاً، وشكوت بثاً؛ وإن كنت أطلت الخطاب، فان حوار الفقيه لذ لي وطاب، وانتظاري لجوابه انتظار الصائم للفطر، والساري للفجر، وأقرأ عليه من سلامي عدد مناقب الفقيه، بل عدد محاسن أبي الحسن أبيه، فإنها تجاوز الحد، ولا تطاوع العد.