فيما بعد، ومنهم من لم يسمح بإثبات شعره النقد. وقد وجدت الكاتب أبا الوليد بن طريف قد أثبت في جزء لطيف جملة هذه القصائد، ولم يسلك فيها أسلوب ناقد، ضنانة منه بخطها من التسامي بالمؤبن بها، وتثبيتا لذكر اسمه المطرزة به حواشيها، فنشر طي كل نسيجة عن منوالها، وأثبتها بحالها. وقد أثبت أنا منها ما يليق بالكتاب، فرارا من الإطناب؛ وسردت الفصل الذر أدار أبو الوليد عليه رحاه، وقدمه صدقة بين يدي نجواه.
قال أبو الوليد: وكان أبو مروان عبد الملك بن سراج فذ العصر، وعلم الفخر، وبقية حسنات الدهر، ونخبة أهل التقدم في شرف النصاب، وكرم الأحساب، ونسبه في كلاب بن ربيعة؛ أصاب سلفه سباء قديم صيرهم أولا في ولاء بني أمية بالمشرق، فكانوا في عداد مقدمة الموالى المروانيين، وصدروا في عظمائهم، ثم اتصلت نباهتهم بالأندلس يرثها خالف عن سالف، ويخلفها عن تالد طارف، مع صيانة وعفة وكرم طعمة، وعلو نفس وشرف همة، وعدول عن خدمة السلطان، وتنزه عن التصرف فيها والامتهان، وانحياش إلى طلب الديانة وانحطاط في شعب طريقة السلف الصالح؛ ويؤثر أن سراج ابن قرة الكلابي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم هو جدهم الذي