وكنا فيما أوصى به إلى ابنه الذي كان رشحه لسلطانه، وبوأه صدر إيوانه، ولقبه من الألقاب السلطانية بالواثق بالله، أن قال له: يا بني إن ابن عباد معنى السريرة، وشيخ هذه الجزيرة، فساعة يبلغك عنه شيء فأخف صوتك، وانج وليتك.
فلما فار التنور، وبطلت تلك الأساطير، وسقط عليه بخبر ابن عباد الخبير، باع ذروة الملك، بصهوة الفلك، واعتاض من مناسمة الروح والريحان، بمزاحمة الشراع والسكان، ومن سماع نغم المزامير والأوتار، بالتصامم عن صخب تلك الأثباج والغمار. وخلى أهل المرية بينه وبين شأنه رعيا للذمام، ومكافأة عن سالف أياديه الجسام، وسخر له البحر فنجا ولم يعلقه شرك، ولا رجع عليه درك.
ولأبي يحيى بن صمادح:
وتحت الغلائل معنى غريب ... شفاء الغليل وبرء العليل
فهل لي من نيله نائل ... ولابن السبيل إليه سبيل
فما لي إلا الهوى متجر ... فغير الغواني متاع قليل
فيا ربة الحسن في غاية ... وعصر الشباب وظل المقيل
ذريني أعانق منك القضيب ... وأرشف من ثغرك السلسبيل