نمت علينا في السفارة نفحة ... من ماء كرم كان فيها يسكب
أهوى إليها بالمطي تخيل ... منا بريء والأماني تكذب
فتواقف الركبان في عرصاتها ... كل بها متحير متعجب
أنى تأتت لابن آدم قدرة ... حتى استقام وتم ذاك المنصب
ومن أي أرض كان رائع مرمرٍ ... كسواعد الغزلان فيها يجلب
كم صاد إبليس بها من تائب ... بحبائل ألقى بهن ترهب
وكم ابتنى القسيس فيها منبراً ... من جؤذر وبدا عليه يخطب
سقياً لها من دار غي لم يزل ... فيها كريم بالملاح معذب
كلاً وما زالت نجوم مدامة ... فيها بأفواه الندامى تغرب
بئس المصلى إن أردت تعبداً ... فيه ولكن كان نعم المشرب ثم أغذذنا سيراً، وكأننا ننفر طيراً؛ حتى نظرنا من السائمة تسرح في مروجها، كالعذارى تميس في دبابيجها؛ كلأ نضير، وماء نمير؛ وما زلت أروى هناك بالرائب والميس، حتى كاد كياني ينقلب إلى كيان التيس. ثم رحلنا وتذكرنا الطراد، فمشت الجياد، وتواثبت آساد، واستعد بباز وكلاب، فإذا بحر من برك، يخرقه سفين من برك، وفي السيور صقور إذا نظرت، وليوث إذا جردت، تنظر من أمثال الدنانير، وتتخطف بأشباه المرهفة الذكور، فأرسلناها إرسال سهام الأحداق، إلى قلوب العشاق، فلم نر إلا ريشاً محلوجاً، ومنسراً يحسن توديجاً؛