تتلف. فلما أكثر محدثنا بحضرة الفقيه، من هذا التشبيه، ومن هذه المحاسن، المحركات لكثير من السواكن، قطبنا له وجوه الاستكراه، وعضضنا له على الشفاه. فبينا نحن كذلك نكثر لغطاً، ونرى الحلول بالمسيحيين غلطاً، إذ نظرنا إلى اطراد صفوف، من أعطاف خنثة وخصور هيف، وشموس وأقمار، على أفلاك جيوب وأزرار؛ لا سيوف إلا من مقل، ولا درق إلا من خجل، ولا عارض إلا من خلوق، ولا صناعة غير تخليق، ولا اسم غير عاشق ومعشوق؛ فتشفع القسيس بحسن خدودهم، وأقسم بنعمة قدودهم، إلا جزلتم المنة، وثنيتم الأعنة، تعريجاً إلينا، وتحكماً في المال والولد علينا. فكرمت الشفاعة، وقلنا السمع والطاعة، وجلنا جولان الزنابير، على هيف الخصور، نفص بما بقي من الطريق، غص الدماليج بخدال السوق، حتى وافينا الباب، وأنحنا الركاب، وتولى تولي الحر، ضروباً من البر، غير أنه قنع بالدن وجه مدامه، تقنع الورد بأكمامه، وقضانا من الإكرام نافلة وفرضاً، وشددنا الجياد عنه ركضاً، وسرنا حتى رفع لنا في طريقنا جدر، فإذا كنيسة عارية الأطلال من الجمال، إلا تعلة المتوسم، للتخيل والتوهم، كالثوب الكريم أخلقه ابتذاله، أو كخد الأمرد تغشاه سباله، فهيج ذكراً، وأجد فكراً، فأنشدت:
وكنيسة أخذ البلى منها كما ... أبصرت فيثاً في مغار ينهب