واتفق لفرط حنقه، ومؤلم تقلقه، أن عض على أيديهم عضة، وانتفض منهم نفضة، وصعد في بعض الجوائز، وحمد الله حمد الفائز، وتمثل:
إذا غرقت ببحر ... من الردى فياض
فلا يكن بهلاك ... عليك ظنك قاض
فليس في كل وقت ... سيف المنية ماض وحان وقت الظهيرة، فصفق بجناحيه ثنتين، وصرخ صرختين، واقتدى به المؤذنون، وتجمهر المؤذنون، حتى إذا قضيت الصلاة استصرخهم فأصرخوه، وتواثبت إليه السادة والوجوه، فقال لهم الديك أيها السادة الملوك، فيكم الشاب متع بالشباب، والأشيب نور شيبه مع الكواعب والأتراب؛ وقد صحبتكم مدة، وسبحت الله تعالى على رؤوسكم مراراً عدة، أوقظكم بالأسحار، وأؤذن بالليل والنهار؛ وقد أحسنت لدجاجكم سفاداً، وربيت لكم من الفراريج أعداداً؛ فالآن حين بلي في خدمتكم تاجي، أنعى إلى دجاجي، وتنحى الشفرة على أوداجي -! وحين أدركني الشيخ، يمزق لحمي ويطبخ - يا للكرام، من ذل هذا المقام! وجعلت دموعه تسفح من دمه، والحزن يطبق على فمه؛ ثم غشي عليه، فاجتمعت البداوة من كل ناحية إليه، يضربون وجهه بالماء، ويخلصون له في الدعاء؛ ثم أفاق من غشيته وأنشد: