في اللفظ، وعين سعايتكم في القصد، فضربتم بي أمثال السوء، إلى معانٍ طوال ألصقتم بي عارها، وطوقتموني شنارها، وانحداراً عليّ كالسيل بالليل، وتصدياً إليّ كالسهم، وتولعاً بي كأني عندكم ذنب الدهر. تلزومونني في صيد العنقاء في جحوركم، وتشترطون عليّ بيض الأنوق في بيوتكم؛ فأقروا الطير في وكناتها، واتركوا القطاة بمناها، وكونوا تجافيف الإنس، وصور الحمامات، وخيال الظل، أو {كسراب بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً} (النور: 39) .
وأما ما عددتموه من الآثار الجميلة عندي ففصل قبيح بكم إيراده، والكريم يتنزه عن مثله، والمن بالصنيعة تكفرها؛ ولقد أجهدت نفسي في خدمة هواكم، واتباع رضاكم، وصرت منقاداً لرمز حواجبكم، وتبعاً لركابكم؛ على أنني ما أكلت من حلوائكم ما يحطني في أهوائكم، ولا لمظت من دنياكم العريضة بلمظة؛ ولقد خبنا من صفقات أرباحكم، وحصلنا على الحرمان من متاجركم؛ وقنعنا بشم قتاركم، واستنشاق النسيم من تلقائكم.
وله من أخرى إلى أهل قرطبة عن زهير الفتى: أنتم - معشر الأعلام، وأكابر الرجال - غرر المصر، وبقايا هذا العصر، وموضع اقتباس النور والرأي