أن يظهر أمره، ويشتهر بصحبة السلطان ذكره؛ فرحلوا في بعض الأيام وقد خلص إلى الأحشاء برد الأجسام، وسوى برس السماء بين الغيطان والآكام، حتى كأن الأرض صفيحة حسام، أو صبير غمام؛ وغب مطر قد غادر الكثبان وعوثا، وصير المسالك تلاعاً ميثاً؛ فكبت به فرسه وقد تأخر عن صحبه، وساخت رجله في بعض ذلك الخبار فصرع لحينه. وكانت عنده فروة فنك قد أعدها لأيام الوفد، فاستظهر بها يومئذ على شدة ما كان فيه من الجهد، ومخافة من عادية ذلك البرد، فأصابه من الطين ما كاد يشككه في عيانه، وأقام عامة يومه على إصلاح ما فسد من شأن فروته وشانه. فورد العسكر وقد زاحم الليل، وبث الوزير المذكور في طلبه الخيل، فساعة رآه قال له: ما غالك، وأي شيء حبسك لا أبا لك - فطفق يقص عليه أمره وهو يضحك، وكان آخر ما راجعه به أن قال: أو ما عندك غير ذلك الفنك - ثم انتفخ في إهابه، واستدعى في قهرمان ثيابه، وقال له: كم أودعت عيابي، وأدرجت أثناء ثيابي في سفرنا هذا من الأفناك - فجاء منها بعدد، ما ظن أنها تجتمع لأحد، ولا يحيط بها ملك يد. قال أبو محمد: ولم أشك في تحصيل فروته، وجر ذيول كسوته، فوالله ما زاد على أن عدها، وأمر القهرمان فردها؛ ثم قال: يا أبا محمد، هذه ثياب سفري ومهنتي، فكيف