البرابرة، وجيء بعمه القاسم بن حمود إلى قرطبة كرته الأخرى التي أعقب ابن أخيه يحيى بن علي، في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة، فتكنف سريره أغمار الناس من البرابرة، وخرجوا لقتالهم سنة أربع عشرة على نظام مسرود، فانهزموا وقتلوا قتلاً ذريعاً، فارتحلوا عن قرطبة وحلوا بقلشانة وشذونة وغيرها من الكور. وانتبذت من الهزيمة طائفة من صعاليك القبائل وألفاف البطون، والتفوا بالقاسم يرجون به كرة الدولة، فدعوه إلى الرجوع إلى إبيلية، وكان خلف بها ولده محمد بن القاسم مع وزيره محمد بن خالص، فسار بجماعته تلك يؤمها، وإذا بخبر هزيمته قد سبقه إليها، فخاف أهلها معرة من معه، فوثبوا على ولده وأصحابه وحصروهم بدار الإمارة، وأحاطوا به، ووقع بينهم قتال شديد. فوافى القاسم باب إشبيلية بمن معه، ولاطفهم في القول، وطمع خديعتهم فلم يصغوا إليه، واشتد الأمر على ولده ورجاله، فرضي القاسم من أهل البلد بإسلامهم جميعاً إليه موفورين بماله وأهله، فعاقدوه على ذلك، فخرج ابنه وولده محمد وأهله، ودخل بهم إلى شريش. ولم يدع مع ذلك السعي في الفتنة على ابن أخيه يحيى صاحب الدولة. وكانت آفة القاسم بإشبيلية من قبل ثقته محمد ابن زيري بن دوناس اليفرني، فقدم زعيمهم القاضي محمد بن إسماعيل ابن عباد، وأطعمه في إمارة البلد بعد دفع القاسم عنه، فاغتر بقول ابن عباد وعاقده على ذلك، فأعان أهل إشبيلية على قتال محمد بن القاسم، فلم يك لأصحابه بعد نظام، وخرجوا عن البلد، وملكه أهله. فوثبهم ابن عباد زعيمهم بالغادر محمد بن زيري، فخرج وصفت إشبيلية من البرابرة. وآلت حال القاسم بعد ابن أخيه يحيى إلى أن حاربه بشريش، وحاصره عشرين يوماً، كانت بينهم فيها حروب صعاب، قتل الله فيها من الفريقين أمة. وأجلت الحرب عن قهر يحيى لعمه القاسم، وحمله مقيداً إلى مالقة أسيراً، وقبض على حرته، " أميرة " القرشية وسائر حرمه وولده وأسبابه، بعد نهبٍ