أعطاه السؤدد مقادته، وركب متن الشرف وجادته، أن يأكل لحم أخيه حياً، ويرى غيبة خلطانه طعاماً مرياً، ولو عرف أصل ذلك وفرعه، وناجت به الحقيقة لسانه وسمعه، فكيف أن يزري وهو لا يدري، ويتكلم وهو لا يعلم، ويستحسن قواريض من القريض تترك شمل المحامد مفرقاً، وأديم الأعراض ممزقاً، ولقد كنت مزمعاً على فراق العادة، واتباع قول ابن ميادة (?) : / [194]
وحكت لهم مما أقول قصائداً تخب بها صهب المعارى وجونها
ورأيت أن أنبه مولاي على ما أنكرته: أن يكون بين أمرين: إما أن يسأل عن السبب الموجب لبعدي عن تلك الحضرة، أو يمسك عن الخوض في ما لا تحيط به الخبرة، فلعله إذا علم الحقيقة مهد المعذرة، وبرد لفحات اللوم المستعرة، وتبين (?) أني ما ثنيت عناني عن هذا المورد إلا وقد ترنقت مشارعه، ولا زويت وجهي عن ذلك المنتجع إلا وقد ذوت مراتعه؛ وبعد ذلك فبين أضلعي ولاء تشتبك أواصره والأنساب منقصمة، ويشرق صباحه وأسرة الشمس مظلمة، إذا حفت به الحفائظ رق نسيمه، وتساوى في الإخلاص حديثه وقديمه:
فغن أنصف فإن يداً تولت كسوري تهتدي لمكان جبري
وإن أحرم قضاء العدل أرجع إلى كنفين من هجرٍ وصبر