أما الشباب فقد ودعت لذته إلا أباطيل أحلام وتشبيب
عرفت حال الليالي في تصرفها وشافهتني أفواه التجاريب
وذلل الدهر صعبي فاستكنت له وطال ما كنت من تلك المصاعيب
قرعت سني على ما فاتني ندماً من الشباب ومن باللهو للشيب
فقد رددت كؤوس اللهو مترعة على السقاة وكانت جل مشروبي
وربما أذكرتني صبوة سلفت ورق الحمام إذا غنت بتطريب
أنزه السمع والعينين في نغم ومنظرٍ غاية بالحسن والطيب
من كل لافظةٍ بالدر باسمةٍ عنه محلاةٍ نوعس منه مثقوب
أيام تصحبني الغزلان آنسة هذا على أنني أعدى من الذيب
وقال (?) :
اختر لنفسك من تعا - دي كاختيارك من تصادق
إن العدو أخو الصدي - ق وإن تخالفت الطرائق
وأخبرني بعض وزراء إشبيلية قال: جهز عباد بعض التجار إلى صقيلية وكان ابن رشيق كثيراً ما يسمع بذكر عباد فيرتاح إلى جنابه، ارتياح الكبير إلى شبابه، فلما سمع بمقدم ذلك التاجر لزم داره، وجعل يتردد إليه ويغشاه، ويقترح عليه لقاء عباد ويتمناه، والتاجر يعده ويمنيه، ويقرب له ذلك ويدنيه، حتى إذا أسمحت الرياح، وأمكن في ميدان البحر المراح، ذهب التاجر لطيته، وخلى بين ابن رشيق وأمنيته، وأخبر التاجر عباداً بذلك، كأنه يتبجح له بما هنالك، فبالغ عباد في نكاله، وأمر باستصفاء أكثر ماله؛ ثم رام ابن رشيق بعد ذلك ركوب البحر فخشن له مسه، ولم تساعده على ركوبه نفسه، فقال (?) :