وانتهزت رقدةً من عين الزمان، واغتنمت نبوةً من أنياب لنوائب، واستمررت في تقرير هذه النسخة الأخيرة، وتحريرها من بين النسخ الكثيرة، فهذه تجمع من بدائع أعيان الفضل، ونجوم الأرض، من أهل العصر / [163] ما لم تأخذ الكتب العتيقة غرره، ولم تقتض عذره، ولم ينقض قدم العهد زبره.

والشرط في هذه النسخة إيراد لب اللباب، وحبة القلب، وناظر العين، ونكتة الكلمة، وواسطة العقد، ونقش الفص، فإن أخرت متقدماً وقدمت متأخراً فعذري فيه أن العرب قد تبدأ بذكر الشيء والمقدم غيره، قال تعالى (فمنكم كافر ومنكم مؤمن) (التغابن: 2) وقال حسان بن ثابت، وذكر بني هاشم (?) :

بها ليل منهم جعفر وابن أمه علي ومنهم أحمد المتخير

وقال الصلتان العبدي:

فملتنا أننا مسلمون على دين صدّيقنا والنبي

وفي فصل منه (?) :

كان الخوارزمي في ريعان عمره، وعنفوان شبابه (?) قد دوخ بلاد الشام، وحصل في حضرة سيف الدولة بحلب، مجمع الرواة وأهل الأدب، ومطرح الغرباء والفضلاء، فأقام بها مع أئمة الأدباء بين علم يدرسه، وأدبٍ يقتبسه، ومحاسن ألفاظ يستفيدها، وشوارد أشعار يصيدها، وانقلب عنها أحد أفراد الدهر، وأمراء النظم والنثر، وكان يقول: ما فتق طبعي، وشحذ فهمي، وصقل ذهني، وأرهف حد لساني، وبلغ هذا المبلغ بي، إلا تلك الطرائف الشامية، واللطائف الحلبية،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015