عنها، من أكابرها، وأصحاب محابرها، جملة موفورة، وطوائف كثيرة، وأنه قال لهم عندما وقفهم للتوديع، وعزم عليهم في الرجوع: والله يا أهل بغداد لو وجدت بين ظهرانيكم رغيفين كل غداة وعشية، ما عدلت ببلدكم بلوغ أمنية؛ والخبز عندهم يومئذ ثلاثمائة ركل بمثقال. وزعموا أنه ارتجل يومئذ هذه الأبيات (?) :

سلام على بغداد في كل موطن وحق لها مني السلام المضاعف

لعمرك ما فارقتها قاليا لها وإني بشطي جانبيها لعارف

ولكنها ضاقت علي برحها ولم تكن الأرزاق فيها تساعف

فكانت كخل كنت أهوى وصاله وتنأى به أخلاقه وتخالف (?)

وبلغني أنه اجتاز في وجهته تلك بمعرة النعمان، وبها يومئذ أبو العلاء أحمد بن سليمان، فضيفه، وكتب إليه بما أثبته في موضعه، وفي ذلك يقول أبو العلاء (?) :

والمالكي ابن نصر زار في سفر بلادنا فحمدنا النأي والسفرا

إذا تفقه أحيا مالكا جدلا وينشر الملك الضليل إن شعرا

واستقر الفقيه أبو محمد بمصر. فحمل لواءها، وملأ أرضها وسماءها، واستتبع سادتها وكبراءها، وتناهت إليه الغرائب، وانثالت في يديه الرغائب، فمات لأول ما وصلها، من أكلة اشتهاه فأكلها؛ زعموا أنه قال وهو يقلب، وفسه [قد] تصعد وتصوب " لا إله إلا الله، إذا عشنا متنا ". وكانت وفاته بها رحمه الله سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة.

وقد أخرجت من شعره ما يروق العيون، ويفوق المنثور والموزون، ومن شعره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015