كيف يسوغ لهذا المغتر أن يجارى بخلو ذرعه تقسم أفكاري، وكيف أنساه اجتماع شمله بعد دياري، وكيف أذهله حضور أحبته عن مغيب أفلاذ كبدي، وكيف طرفت نواظره سكرة الحظ عن تصور ما يجن خلدي، وكيف لم يدر ما لي من ألحاظ مقسمة، وظنون مرجمة، وقد تكلفت الإجابة لما تضمنته الأبيات انقياداً لمرادك، ومقتصر الرأي على إسعادك، أجر أقلامي جراً وهن نواكل، وأنبه قرائحي وهن في غمرات الهموم ذواهل.
قال السائل: " إن المسؤول دروك لتلك الفتوى، ومستحق بها للرتبة العليا " ودروك لا يجوز هنا لأن فعولاً لا يكون من أفعل، ولو جاز ذلك لجاز " حسون " من " أحسن " و " جمول " من " أجمل ". وما نحب استيفاء القول في هذا الزلل، ولا نستفتح كلامنا بالمناقشة في السهو والخطل، ولعل القائل أوهم حملاً على قراءة حفص (في الدرك الأسفل من النار) (النساء: 145) فظن أن الدرك بوزن فعل، وأن فعلاً مصدر فعل يفعل، ولم يجعله من الدرك، لأن الفتح عندهم لا يخفف، لا يقولون في جَمَل " جَمْل "، وذهب عنه أم يكون اسماً مبنياً مثله وإن لم يكن مخففاً منه كما قالوا: " دركه ودركةً في حلقة الوتر التي تقع في فرضة (?) القوس، فخففوا وحركوا، وعلى أنهما لو كانا مصدرين لجاز أن يبنيا على الشذوذ ولا يحمل عليهما ما يبنى من الفعل، لأن الشذوذ ليس بأصل يقاس عليه، ولعل اغتر بقولهم: " دراك " - بالشد - وهو شاذ لأنهم قد [بنوا] أفعل من فعل (?) ، وهو قليل، قالوا فطّرته فأفطر، وبشرته فأبشر، فجاز على هذا دركته فأدرك، قال سيبويه: وهذا النحو قليل في كلامهم، ولعله ذهب إلى قولهم: " دراك " مثل " نزال " فظن أنه يقال منه " درك " كما يقال من " مناع " " ونزال ": منع ونزل. وذهب عنه [أنه] قد جاء الرباعي في هذا الباب. قالوا: قرقار وعرعار. في