لا ينعش الألفاظ من عشراتها ... ولو إنها كتبت له في مهرق ثم قمت عنهم فلم ألبث أن وردوا علي، وأخبروا أن أبا جعفر لم يرض ما جئنا به من البديهة، وسألوني أن أحمل مكاوي الكلام على حتاره، وذكروا أن إدريس هجاه فأفحش، فلم أستحسن الإفحاش، فقلت فيه معرضاً إذ التعريض من محاسن القول:
أبو جعفر رجل كاتب ... مليح شبا الخط حلو الخطابه
تملأ شحماً ولحماً وما ... يليق تملؤه بالكتابه
وذو عرق ليس ماء الحياء ... ولكنه رشح فضل الجنابه
جرى الماء في سفله جري لينٍ ... فأخذت في العلو منه صلابه [قال ابن بسام: وليت شعري ما التصريح عند أبي عامر إذا سمى هذا تعريضاً - ولولا أن الحديث شجون، والتتابع فيه جنون، والكلام إذا لان قياده، سهل اطراده، وإذا قرب بعضه من بعض، لم يفرق فيه بين سماء وأرض، لما استجزت أن أشين كتابي بهذا الكلام البارد معرضه، البعيد من السداد غرضه، وقد يطغى القلم، وتجمح الكلم.
وقوله:
جرى الماء في سفله جري لين ... يشبه قول الآخر، وضمن بيت النابغة: