يخدمه فيها [96] ولا يحف به غير خاصة غلمانه، ولا يأذن لأحد من طبقات الناس بالدخول إليه فيها. فأكثر الناس القول في هذه الدار وسموها " دار اللذة " لأنه كان يجيشها في اكثر النهار عند فراغه من أحكامه فيقضي بها راحته. فإذا جاء الليل عاد إلى دار سكناه التي فيها أهله. ومن تمام العجب في شانه انه لم يكشفه ولا نبش صداه إلا تلك الطائفة من بطانته التي اختارهم لنفسه من أرذال الطبقات، وذلك معهود في أمثالهم. فالصنيعة لا تزكو إلا عند ذي حسب ودين.
قال ابن حيان: فلما قطع أموال الناس جملة عن بني جهور، وأخلى أبوابهم من جميع الطبقات، ولم يدع لابن جهور من سلطانه غير التوقيع وحده، وتقدم إلى جميع أصحابه وحجابه أن يدعى بالسلطان، فكان إذا ركب إلى دار أميره ابن جهور سأل سائل: أين يكون السلطان - قال حجابه: في دار الوزير، فيجيئون بمعكوس من القول يمجه السمع، دان له الناس بذلك عنوة، وخاطبوه بالتمويل دعاء ومكاتبة، إلا قليلا تمسكوا بالمروءة فاكتسبوا لديه مقتا. فظل يزداد مع الأيام استكبارا، ويبطن تدبيرا، ويسيء تفكيرا. أخبرت انه قال [له] يوما بعض بطانته عندما رآه يرتكب من الفواحش: خفض عليك، فقال له: وما علينا - والله ما بها كلب ينبح فيجتمع إليه. وما علم الحائن الشقي أن هناك شبل أسد جهوري قد لبد لبطش