الظالم - كان - لنفسه، الغاش لمصطنعه، سرحةً نوارة أطال الباطل مرعها من غراس أودع خضراء دمنة. فموه على أهل وقته بليانة كانت فيه سوقية، وخلابة جبلية، عضدها جدَ صاعدُ رقاه من الحضيض إلى السها، وحرسته إلى مدة اجتذبته عند توفيها أعراقه اللئيمة، فتولى ذميماً لسوءِ أفعاله، فلا سماؤه بكتْ عليه ولاأرضهُ، وقد كنتُ كتبت من وصف ظاهر محاسنه أوان اعتلاقه بقهرمة أميرنا محمد بن جهور، وعددت من حسان خصاله ما لم يبعد عن الصدق عنه، لأخذنا بظاهر ما تموه في العيون وقت بنائه لنفسه، وتنفيقه لكساده، من طأة الخلق، وحسن الاحتمال، ولين الحجاب، وخفة المواطأة، وجودة الوساطة، معرضين فيه عن ذكر ما لم يمكن لنا النفث عنه مما في باطنه من نذالة الخيم، ونطف الصحبة، وتهمة الخلوة. وإذا به متخلق ليسمو إلى مراد أناله المقدار إياه، فتنة من الله. فلم يلبث أن أدركه عرق السوء، واجتذبه إلى نصر طباعه، فاستحال وتغير، وعتا واستكبر، وخان وغدر فاستخف المظالم، واستهان الكبائر، واطرح الفروض، واحتقر الحقوق، واغترى بذوي الهيئات، وحملة المروات. فأذال صونهم، وأغرى غاشيته من سفلة الناسِ وأوغادهم بهم، فأضرع خدودهم، وحط أقدارهم، وأشعر الأعزة الذلة، وألصق أنوفها بالرغام، وأصمتها عن الكلام. فارتفع الأمر بالمعروف جملةً، ووسع أهل السلامة الدخول تحت التقية. فصرنا ممن أخذ بذلك في ذكره، فيما كتبنا له من ظاهر أخبار مدة ستر الله عليه، إلى أن ارتفعت بزوال سلطانه، وأمان عدوانه، ففارقنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015