وكان بنجوة منا جني كأنه هضبة لركانته وتقضبه، يحدق في دونهم، يرميني بسهمين نافذين، وأنا ألوذ بطرفي عنه، وأستعيذ بالله منه، لأنه ملأ عيني ونفسي. فقال لي لما انتهيت، وقد استخفه الحسد: على من أخذت الزمير - قلت: وإنما أنا نفاخ عندك منذ اليوم - قال: أجل! أعطنا كلاماً يرعى تلاع الفصاحة، ويستحم بماء العذوبة والبراعة، شديد الأسر جيد النظام، وضعه على أي معنى شئت. قلت: كأي كلام - قال: ككلام أبي الطيب:

نزلنا على الأكوار نمشي كرامةً ... لمن بان عنه أن نلم به ركبا

نذم السحاب الغر في فعلها به ... ونعرض عنها كلما طلعت عتبا وكقوله:

أرأيت أكبر همة من ناقتي ... حملت يداً سرحاً وخفاً مجمرا

تركت دخان الرمث في أوطانها ... طلباً لقوم يوقدون العنبرا

وترفعت ركباتها عن مبرك ... تقعان فيه، وليس مسكاً أذفرا

فأتتك دامية الأظل كأنما ... حذيت قوائمها العقيق الأحمرا وكقوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015