عفاريت الظلال، وأكلة الأموال، من رجل أجرأ خلق الله على دم وهو أجبن ممن صافر، وأجسرهم على ركوب ثبج محرم وهو أضعف من لحظ فاتر، نبهت تلك الفتنة على قدره، ورفع عدم الرجال صوته بذكره، فهبت ريحه شمالاً وصبا، واتخذ سبيله في البر والبحر عجبا، فعرض عليهم بصاحبه المتوكل عمر بن المظفر ابن الأفطس، وأعرب لهم عن لين مكسره، وضيق مسافة نظره، واشتغاله باللذات عن أكثره، فقالوا: برد كبرد، ما أشبه سعدا بسعد! فأتاه سفيرهم، وخف إليه عيرهم ونفيرهم، فجاءهم ينظر من خفاء، ويمشي على استحياء، كودنا ساموه خطة سباق، وحبينة أقاموها على ساق، فدخل طليطلة عقب سنة اثنتين وسبعين، وأقام عندهم نحوا من عشرة أشهر، أضل من يد في رحم، وأذل من لحم على وضم.
[و] قد كان ابن ذي النون حين انفلت من يد المقتنص، انفلات الحمامة من القفص، تهيأ له دخول كونكة في خبر طويل، فثاب إليه حسه، ورجعت قليلا نفسه، وراسل الطاغية أذفونش، وهو بحيث ينتهز الفرسة، ويسمع القصة، فذكره ابن ذي النون سالف