فرار حفيد ابن ذي النون من طليطلة ودخول المتوكل
وانجرت الحال بينه وبين أولئك الشيوخ المخرجين من المطبق بمقدار ما رقعوا خروقهم، وجمعوا فريقهم؛ فلما استوثق أمرهم، وثاب إليهم شرهم، دلفوا لحزبه الذنوبي البسيس، تحت إحدى ليالي جديس؛ أرغت عليهم سقب السماء، وتمخضت لهم بالداهية الدهياء، ورؤسهم بأيدي الولدان لعباً، وأتى ابن ذي النون صريخهم تلك الليلة فصادف منه رأياً مغلوباً، وقلباً منخوباً، طار به الذعر ففر ودونه من عبيده أسد الشرى، والأسوار شامخة الذرى، كأنما ناجته القتال أضغاث حلمه، أو رأى وجوه الأقتال في وجوه حرمه، تجفل الظليم، لا يحفل بالعار المقيم، ولا يصيخ إلى الصديق الحميم. حدثت أن زوجه بنت المظفر بن أبي عامر، طريد جده - كان - من بلنسية، وابنته منها تبعتاه يومئذ راجلتين نيفاً على فرسخين، حتى أدركتا بمركوب، وقد أخذ الجهد منهما بأوفر نصيب، واجتمع مشيخة طليطلة بفناء القصر، مرتبكين بين اللجاج والذعر، عامتهم تتطاول بزعمها إليه، وخاصتهم تتحيل المثول بين يديه، وهم يظنونه بحيث يرى ويسمع، ويتوهمون أنه سفعل ويصنع، فوجدوه قد أذعن للدنية، وخرج من بعض تلك