بن غرسيه. وهو كان مطلوبه الذي ألب عليه الجماعة، فأحل الغارات بأقطاره فقويت عليه العلة هنالك، فاتخذ له سرير خشب ودع عليه أغضاءه، وسوي مهاده متطاول الشكل يمكنه الاضطجاع عليه متى خارت قواه. وكان يحمل سريره على أعناق الرجال، وسجفه منسدل عليه، وعساكره تحف به وتطيع أمره. وكان يحمل بين يديه شراع خفيف منصوب ينقل على الأيدي، فإذا حركته الخلفة أنزل سريره إلى جنب الشراع ليقضي ما به من حاجة؛ وتناول وضوءه جاريتان من قوامه كان حملهما في غزاته، فكانتا تسيران وسط الفتيان، وما كان بين نزوله واستقلاله إلا الفترة لقوة الخلفة؛ بذلك قطع أربعة عشر يوماً حتى وصل إلى مدينة سالم. وكان هجر الأطباء في علته تلك لاختلافهم فيها، واقتصر على أوصاف كاتبه الجزيري عبد الملك. وأيقن هنالك بالموت، وكان يقول: إن زمامي يشتمل على عشرين ألف مرتزق ما فيهم أسوأ حالاً مني؛ وددت أن أقال زلتي وأنا كبعض هؤلاء السودان الحاملين لسريري. وكان تحمل ما كان حوله من الطيب، فاشتغل ذهنه يومئذ بقرطبة وهو بمدينة سالم وقد أيقن بالوفاة. فأمر ابنه عبد الملك بالنفوذ لشدها في طائفة من ثقات غلمانه بعد أن أوصى كلهم أشتاتاً وجماعة. ثم خلا بولده عبد الملك يوصيه ويودعه ويقبض على يده، وكلما ذهب عنه استرده مستدركاً بوصيته. وعبد الملك يبكي فينكر ذلك عليه ويقول: هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015