إليه وقته، تحللاً من مظالم أهلها. فأرجأه عند خالد مدة إلى أن احتاج إليه فقبضه سراً، واندفع إلى جعفر وأخذ خالد بن هشام براءته منه، فسئل جعفر عنه، فقال: كنت خادم الرجل وصاحب سره فعلمت برسمه، وإن رجع في الاستدلال إلى زمامه الماضي الذي كنت أقيد فيه الأموال الباطنة وجد فيه ثبته. فجيء في ذلك اليوم بذلك الزمام وقد قطع منه الدرج الذي فيه ذكر المال الباطن ووصل ما انقطع بذلك من الكلام بما بعده. وأرشد جعفر إلى هذه الوهلة، وحسب أن مع وجودها لا تلزمه الحجة. فعدلوا به إلى بيداء مضلة.

قال ابن حيان: ولما أمر بضمه إلى المطبق بالزهراء ودع أهله وولده وداع الفرقة، وقال: لستم تروني بعدها حياً، فقد أتى وقت إجابة الدعوة وأنا أرتقبه منذ أربعين سنة. وذلك أني أسرفت على فلان - رجل [48] سجن بعهد الناصر - وما أطلقته إلا برؤيا، قيل لي: أطلق فلاناً فقد أجيبت فيك دعوته، فأطلقته وأحضرته وسألته، فقال: نعم، دعوت على من شارك في أمري أن يميته الله في أضيق السجون. فعلمت أنها قد أحببت، وندمت بحيث لا غني الندامة، فأطلقت الرجل، قالوا: فما لبث في محبسه إلا قليلاً وأخرج ميتاً، فسلم إلى أهله في أقبح صوره، وما زلت أسمع أنه قتل خنقاً، والله أعلم بالحقيقة، المغضي على محال هذه الخليقة. انتهى ما لخصته من كلام ابن حيان في شأن جعفر بن عثمان.

وكان أحد من اجتمع له في ذلك الوقت نوعا البلاغة في النظم والنثر، وهو القائل في نكبته:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015