مقتل أبي مروان الجزيري
وكان أبو مروان عبد الملك الجزيري أحد شعراء الأندلس المجيدين وقته وممن أجتمع له بهذا الإقليم نوعا البلاغة في المنثور والمنظوم. وتقدم عصره منعني من ذكره؛ وفي خبر مقتله طول، لكن نلمع منه بلمعة، بعد أن تقدم من نوعي كلامه قطعه.
فمن ذلك أن المنصور بن أبي عامر صنع صنيعا في ذلك الأوان، لتطهير أبنه عبد الرحمن، وكان عام قحط فأرتفع السعر بقرطبة، وبلغ ربع الدقيق إلى دينارين، فجلا الناس. فلما كان يوم ذلك الصنيع، نشأت في السماء سحابة عمت الأفق، ثم أتى المطر الوابل فاستبشر الناس وسر أبن أبي عامر فقال الجزيري بديهة:
أما الغمام فشاهد لك انه ... لا شك صنوك بل أخوك الأوثق
وافي الصنيع فحين تم تمامه ... في النحو أنشأ ودقة يتدفق [41]
وأظنه يحكيك جودا إذا راى ... في اليوم بحرك زاخرا يتفهق ومنها: