في مشيته، كاسراً لطرفه، وزاوياً لأنفه، وهو ينشد:
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم ... ومن يسوي بأنف الناقة الذنبا فقالا لي:: هذا صاحب أبي القاسم، ما قولك فيه يا أنف الناقة - قال: فتى لم أعرف على من قرأ. فقلت لنفسي: العصا من العصية1 إن لم تعربي عن ذاتك، وتظهري بعض أدواتك، وأنت بين فرسان الكلام، لم يطر لك بعدما طائر، وكنت غرضاً لكل حجر عابر. وأخذت للكلام أهبته، ولبست للبيان بزته؛ فقلت: وأنا أيضاً لا أعرف على من قرأت. قال ألمثلي يقال هذا - فقلت: فكان ماذا - قال: فطارحنى كتاب الخليل، قلت: هو عندي في زنبيل، قال: فناظرني على كتاب سيبويه. قلت: خريت الهرة عندي عليه وعلى شرح ابن درستويه؛ فقال لي: دع عنك، أنا أبو البيان، قلت: لاها الله! إنما أنت كمغن وسط، لا يحسن فيطرب، ولا يسيء فيلهي، قال: لقد علمنيه المؤدبون، قلت ليس هو من شأنهم، إنما هو من تعليم الله تعالى حيث قال: {الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان} (الرحمن: 3 - 4) ليس من شعر يفسر، ولا أرض تكسر، هيهات حتى يكون المسك من أنفاسك، والعنبر من أنقاسك، وحتى يكون مساقك عذباً، وكلامك رطباً، ونفسك من نفسك، وقليبك من قلبك؛ وحتى تتناول الوضيع فترفعه، والرفيع