قصرت له تسع وطالت أربع وزكت ثلاث منه للمتأمل
وكأنما سال الظلام بمتنه وبدا الصباح بوجهه المتهلل
وكأن راكبه على ظهر الصبا من سرعة أو فوق ظهر الشمال
وحضر مع ابن ذي النون بطليطلة بمجلس الناعورة، في المنية المتناهية البهاء والإشراق، المباهية لزوراء العراق، التي تنفجر أبدا وتقطر، وتكاد من الغضارة تمطر، والقادر قد التحف الوقار وارتداه، وحكم العقار في جوده ونداه، والدولاب يحن كناقة إثر الحوار، أو كثكلى من حر الأوار، والمجلس يروق كالشمس في الحمل، وأهله يبتهجون بمثل الأمل، والجو قد عنبرته أنواؤه، والروض قد بلللته أنداؤه، والأسد قد فغرت أفواهها، ومجت أمواهها، فقال:
يا منظرا إن رمقت بهجتة أذكرني حسن جنة الخلد
تربة مسك وجو عنبرة وغيم ند وطش ماورد
والماء كاللازورد قد نظمت فيه اللآلي فواغر الأسد
كأنما جائل الحباب به يلعب في جانبيه بالنرد
تراه يزهى إذا يحل به ال قادر زهو الفتاة بالعقد
تخاله إن بدا لناظره تما بدا في مطالع السعد
كأنما ألبست حدائقه ما حاز من شيمة ومن مجد
كأنما جادها فروضها بنائل من يمينه رغد
ودعي ليلة إلى مجلس قد احتشد به الأنس والطرب، وقرع فيه نبع السرور بالغرب، ولاحت نجوم أكواسه، وفاح نسيم رنده وآسه، وأبدت صدور أباريقه أسرارها، وضمت عليه أزرارها، والراح يديرها أوطف، وزهرة الأماني تجنى وتقطف، فقال: