زال ملكه، وانتثر سلكه، وتقلصت حواشي ظله، وأنكره أكثر أهله، وفد عليه أبو بكر وفادة دلت [182ب] على أن كرم العهد كما كان، وأن الوفاء لم يدرس رسمه حتى الآن، فنازعه بوسها، وعاطاه كؤوسها، ومدحه للوفاء، بأحسن مما مدحه للغناء، حتى كأن عبد الجليل إنما نطق بلسانه، وأعرب عن شأنه، حيث يقول:

قضى الله أني في الثناء عليكم زياد وأني في الوفاء قصيرا

وقد أشار إلى ذلك هو من مذهبه، حيث يقول في شعر مدحه به، وقد تقدم إنشاده في أخبار ابن عباد:

جذيمة أنت والزباء خانت وما أنا من يقصر عن قصير

وقد جمعت من أشعاره، ومستظرف أخباره، وأضفت إليها من سائر ملحه، وأوصافه ومدحه، ما يدل على وفائه، ويشهد ببراعة ذكائه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015