بيانه، لكان أشعر أهل زمانه، وكانت أمه امرأة برزة فارسة دكان، وصاحبة مكيال وميزان، وعلى ذلك فقد كانت امرأة صدق، وفي حرفتها - على ما بلغني - صاحبة حق، مشتغلة ببيع لبنها، مقبلة على ما يعنيها من حال زمنها، حتى غلب اسم اللبن عليها، ونسب أولادها به إليها، وكانت لأبي بكر وأخيه [عبد العزيز] همة تعرضهما للصدور، وتترامى بهما إلى معالي الأمور، إلا أن أبا بكر كان أوسعهما في الأدب مجالا، وأكثرهما على صنعة الشعر إقبالا، ومال عبد العزيز إلى التجارة فحسنت طريقه، وحمدت خليقته، وكان له مع ذلك أدب دل على نبله، وشعر يستحسن من مثله؛ إلا أنه لم يرضه مكسبا، ولا اتخذه إلى أحد من الملوك سببا، فذهب عن أكثر الناس ذكره، ومات قبل موته شعره.

وأما أبو بكر فتردد على ملوك الطوائف بجزيرة الأندلس تردد القمر في المنازل، وحل من ملوكها محل الحلي من صدور العقائل، يسحب على دولهم، ويقلب الطرف بين خليهم وخولهم، وخيم أخيرا في ذرى المعتمد بن عباد إذ كان أصدقهم نوءا، وأبهرهم في مطالع السؤدد ضوءا " فلما نبت صعاده، وأعوزه من دهره اسعاده، وصار إلى المغرب، وحل فيه محل المغترب، وغدرته الأيام غدر أهل خراسان لقتيبة، وفى له بالرحلة إليه وفاء الظعينة لعتيبة "؛ فلما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015