وللندامى به عب ومرتشف كالريق يعذب في ورد وفي صدر
والشرب في ود من لي خلقه زهر يذكو وغرته أبهى من القمر
جواب ابن هود إلى أبي الفضل عند فراره عنه: سيدي وأجل عددي، وأسنى الذخائر عندي، وأزكى الفوائد بيدي، ومن أبقاه الله في أتم نعمة، وأعم حرمة؛ وردني كتابك بما أودعته من صورة وجهتك وممرك، وصفة مستوطنك ومستقرك، وعرفت [133 أ] حقيقة منزعك، في تعجبك وتسرعك، وما علمتك - على معلوم ذكائك - يذهب السداد في آرائك، ولكن لا تملك عنانك في اعتساف طرقك، وخالق خلقك، وكان الأشبه بالجميل، أن تشعر بإزماع الرحيل، فتوصل وتشيع، ولا تصد عن غرضك ولا تمنع، مهدت بك الحال هنالك تبرح موضعك، ولا فارقت مألفك ومجمعك، بما يقتضيه انتظام الجانبين، والتفات الأفقين، وكيفما تصرفت فأنت الولي الحميم، لا ينكر ودك، ولا يخفر عهدك، والله يلقيك كل خير، ويجنبك ثمر الغبطة في كل مقام وسير.
قال أبو الحسن بن بسام: ورأيت هنا أن ألمع بيسير من أخبار أبي الطيب، سوقا لفائدة أدى إليها الخبر، وإشارة إلى بعض محاسنه عنه تؤثر، وإن كان خارجا عن هذا الغرض الذي شرطته من حذف التطويل، والاجتزاء عن الكثير بالقليل. ولكنه سنح لي هنا فصل من أخباره وبديهته، وتصرفه البديع بين إشارته وفكرته، ورويته وبديهته: