وقد أعلمت في بقائه المكايد، وبثثت في اقتناصه الحبائل والمراصد، فكأن الرياح تخطفته، والبحار فمرته، والبلاد أخفته وأضمرته، وكيف يظفر بعبد حوش الفؤاد، شكيس القياد، رغب عن خضوع المماليك، ولحق بذ ؤبان الصعاليك، يعتسف شتى المسالك، ويعروري ظهور المهالك، فاتح كاسمه سائح، على أجرد سابح:
كأن على أعطافه ثوب ماتح
وعسى أن يعود هذا الذاهب وشيكا إلى ملكه، وينتظم المتبدد من سلكه، وإن ند هذا الشارد، فما يأسى له الفاقد، فلا حظ في ارتباط غادر، ولو أربى في البأس على أسد خادر. وما أولاه - أيده الله - أن يرتاد لصنيعه طريق المصنع، ويودعها خير المستودع، وأن يرتاب بالثقات، ويسيء ظنا بالخدم تفرسا في السمات، وقد عري عن الخير من جمع تلك [124 ب] الصفات: من زرقة مقلة، وصفرة بشرة، وحمرة شعرة، لا جرم أنه نزع بدناءة الأروم، إلى أشباهه الروم، فليبعد مثله، فسيناله ما هو أهله، ويوبقه غيه وجهله.