عهد طيف الكرى، بما بين العقيق إلى الحمى، إن سرى أصبح دونه بمراحل، أو هفا قطع المدى المتطاول، فكأني كنت ماء، وافق نفوسا ظماء، فكل فرج لي عن فلبه، وعانقني بكبده وخلبه، ولما لقيت المعتصم بالله - فتح الله له في البلاد، كما شرح بوده قلوب العباد - قال: مرحبا بالولي الحميم، والصديق الحديث القديم، أعنت لك عندنا أسباب أوجبت إقبالا، أو نحت بك نحونا ركاب طلبت فصالا - حل عن ذاتك، وأرح يعملاتك، فقلت: أيد الله مولاي، ما أجاءني حب الراحة، ولا طلب الإراحة، وإنما أنا في حكم شرع، وأداء فرض، فهو كالحج لا يحل فيه الصيد لا بالنص ولا بالقياس، والصلاة لا يصلح فيها شيء من أعمال الناس، وأنا أتمثل في ذلك قول الله: {وإذا حللتم فاصطادوا} (المائدة: 2) {فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض} (الجمعة: 10) ولا بد أن آخذ فيما فيه شخصت، وله قصدت، وإنما هي كلمات مكدودة، وألفاظ معدومة، لا تورث الناطق كلالا، ولا السامع ملالا.
وفي فصل منها: حتى وصلنا إلى دار منفرجة الأقطار، مستوفزة الأنوار، [متدفقة الانهار] ، عواؤها جلاء للغم، وزيادة في العمر، ضياؤها شفاء للكظم، وانشراح للصدر؛ وكأن مياهها تنبعث من بنان