لحضرة سيدنا الوزير الأجل صفي أمير المؤمنين، ولا برحت القلوب حوائم على شرعته، كما زين نحرها بقلائد الخلافة، وحلي جيدها بنظام الأمامة، والشمس محل السعد:
* وفي عنق الحسناء يستحسن العقد*
فما أظلم ليل كان سيدنا صبحه، ولا أبهم معنى كان شرحه، ولا أساء زمان كان حسنته، ولا بخل وقت كان موهبته، ولا أذنب عصر كان عذره، ولا ذوى روض كان زهره، ولا أوحش أمر كان أنسه، ولا أظلم أفق كان شمسه، ولا عطل نحر كان حلية، ولا ضل ملك كان هديه.
وإني أطال بقاء حضرة سيدنا، وإن لم أحل بمكاتبته تقليدا، ولم أحظ بمداخلته مستفيدا، فبه أثمر غرسي، وله انتظم غدي وأمسي، وعليه تهدل جنى نفسي، فمحاسنه التي ملأت الملوين، ثنتني فانثنيت، وأنواره التي طبقت الخافقين، هددتني فاهتديت، فسرت إليه مسير السيل إلى قراره، وانجذبت نحوه انجذاب النجم إلى مداره، وجريت على نهج أبي رحمه الله -[107 ب] الحضرة والمكاتبة لها والمهاجرة إليها، وما ندي لي من ثراها، وتمهد لي من رضاها، وأحظاني من سني جوابها، وبهي تحيلها، والإقبال علي بقبولها، فذلك الفخر تاج على مفرقي، وذلك الفضل طوق في عنقي، فحق أن تتأكد بصيرتي، وتستمر مريرتي، وأطرد على وتيرتي، فلا أزال مطالعا وخادما لها.