وفي السواد إغلاظ على العدو، وتجمل للأهل، وتسكين للروعة من الشيب، وتأنيس للنفس، وتعليل للقلب، وهل هذه النكتة من أبي الحسن تخفى، او هذه الزرعة يكتم منها فحوى، أو يستر لها مغزى -!

وقال في فصل منها: " والحساد في كل ذلك تكسر علي أرعاظها ولا تفتر من النظر إلي ألحاظها، وأنا أنشدهم ما أنشدته عن أبي العلاء صاعد بن الحسن الربعي عن أبي رجاء الضبعي:

حسود كئيب القلب يخفي أنينه ويضحي كئيب البال عندي حزينه

يلوم على أن ظلت للعلم طالبا أجمع من عند الرواة فنونه

وأكتب أبكار الكلام وعونه وأحفظ مما أستفيد عيونه

فيا حاسدي دعني أغال بقيمتي فقيمة كل الناس ما يحسنونه

الرد: في هذا البرسام غريبتان، إحداهما مقالة الحاسد الذي يكسر عليه أرعاظه، قوله " دعني أغال بقيمتي "، هذا جواب الأولياء، لا جواب الحسدة والأعداء، والأخرى تحريفه الشعر عن وجهه، وصرفه عن كنهه، ولو تبين وقرأ طرائق الشعراء، ومذهب الفصحاء والخطاب، لما استجازه، ولأجاد نقده وإحرازه، فهذا الشعر لأحمد بن المعذل مشهور مأثور:

غزال سقيم اللحظ يخفي أنينه ويضحي كئيب القلب عندي حزينه

ونسي نفسه أبو الحسن في تأمل البيت الأول: وكيف يجمع فيه " كئيب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015