ولا بد من شكوى إلى ذي حفيظة يواسيك أو يسليك أو يتوجع
واشتمل كتابك الكريم على ما استحييت منه، وغضضت طرفي عنه، وأوهمني أن [70 أ] شكواي أثارته، وربما انحفزت فيما الحال بذاتها معربة عن التعذر، فأنظر الأمر إناة، وأجره على مجراه، وليس إلا التفويض إليك، والتوكل عليك، وما عندي أكثر من أن نفسي في يديك، فلا تكلني إلى رأيي فأحار، ولا تخيرني فلست أحسن أن أختار.
ومن أخرى: أنا في هذا الوقت بحكم الزمان، نعم مستودع الهوان، أضحك لمن شتم، وأعتذر إلى من ظلم، وأغضي لمن همز ولمز، وأتعامى على من أشار وغمز، وأتلقى المكروه والأذى، بطلاقة التقبل والرضى، فمثلي إن أوذي شكر، أو أسخطته الأقدار تجمل، أو حمل ما لا يستطاع تحمل، فعل من يلبس للأحوال لبوسها، ولا يحفل بنعيم الأيام وبوسها.
ووقفت على كتابك فلم أستغرب تجنبك، ولا أنكرت تعديك، وما عسى أن تكون في جملة من يعبر ويكلم، ويسخط ويذم، وأنت إذا خلصت من هذا الباب لم تتخلص للحجى، وكنت كجزء لا يتجزا.