أنوي في كتبي أن تكون من الشكوى خالية، وبزينة التجمل حالية، ولسان الحال تأبى إلا أن تبوح بمضمر السر، وتكشف عن حقيقة الأمر؛ وقد كان لي عنه معزل إلى وصف ما للبين بقلبي من جرح وآثار، وللشوق بين جوانحي من وقود وأوار، فإنه مذهب يجول فيه القول كل مجال، وينثال عليه الكلام أي انثيال، وتتأتى به الألفاظ لازدواجها، وتتراءى المعاني في معرض انتاجها، ولئن لم أبدأ به فإليه قصدت، وإياه أردت، وقد اكتفيت منه بما أتيت، ووقفت حيث انتهيت [68 أ] .

وله في مثله من أخرى: قد كنت أؤمل هذا التلاقي، لأشكو فيه إليك دواهي بلغت بالنفوس التراقي، وصيرت المنايا أماني،فمن لي ألان به وبوصولي اليك حيث أنت، ودونك ما لا يخفى عليك، وقد عرض الماء لعيني فكيف أرد، ومن أين أقصد الله حسبي في سوء جدي، وأنت ولي عذري، في الحضور بالمكاتبة إذ لم أجد سبيلا إلى المشافهة، ولا أكذبك، ضاقت بي الأرض كلها، وانسدت علي سبلها، وضللت عن كل عزاء وتماسك، وأسلمت إلى كل يأس وتهالك، فتداركني ممزقا، ونجني غرقا، وأخطربي ببالك، واعرض حالي على اهتبالك، عسى أن يتجه للفرج وجه، أو يلوح منه فجر.

وله من أخرى: كل يوم تظهر من فضلك عجائب، وتطلع من ألطاف برك غرائب، وتنسى لها محاسن من تقدم، وتستبعد معها مآثر من تهمم، حتى كأن الجميل لم تعرف قبل طرائقه، واللطف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015