وأفرده بحظ من دنياه، وخصه بمكان سره ونجواه، وسفر بينه وبين المتوكل بن الأفطس أيام كونه بيابرة، حين أخذ أخوه [يحيى] بكظمه، وهم بالنزول على حكم المعتمد أو حكمه، وقد كان ابن عباد فغر فاه على المتوكل، وقدر أن ينيخ عليه [بكلكل - حسبما قدمته] في أخباره - فوعده بالغرور وزخرف له شهادات زور، على لسان [هذا] الوزير أبي المطرف المذكور، [فلما حاوره وناظره، خصه] بنصيحة أثره، ومثل له ذلة المعزولين، وذكره بفعل معاوية يوم صفين، فأوجده سبيلا، ودرجه قليلا، ومات أخوه المنصور يحيى بعقب ذلك، فورثه الله ملكه، ونظم سلكه، فرحل اليه أبو المطرف ملبيا بحج وعمرة، متوسلا بسابقي أنصارية وهجرة، فصادف وجها خصيبا، ومكانا من العز رحيبا.

وكان سبب خروجه من اشبيلية - فيما حدثي بعض وزرائها - أنه تشاد مع ابن عمار، فأشار المعتمد إلى حسم ذلك بين يديه، فأبى أبو المطرف عليه، ثم اجتمعا بعد في مجلس أنس دون رأيه، فأمر المعتمد بنفيه؛ وقد كان أيضا بلغ أبا المطرف أنه قدح فيه بمجلس المعتمد وقرف بشيء أقلقه، وذلك أنه كان يعاني الخضاب ويثابر عليه، فقال بعضهم فيه:

خضاب لعمرك لا للنساء ... ولكنه لفحول الرجال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015