كان بكم مشتدا بعد العهود المؤكدة، والمواثيق المشددة - فاحتل العدو - قصمة الله - جهة لم تخطر بباله، واستصرختم فلم تصرخوا، واستنجدتم فلم تنجدوا، والنعم تنتسف، والستور تنكشف، والدماء تسفك، والحرم تنتهك، والإسلام يعلز علز المحتضر، وأهله للشرك كالهشيم المحتظر، فلا حرمة الإسلام رعيتم، ولا ذمام المشاركة قضيتم؛ فلم تعدون ذلك من ذنوبنا، وتبثون بذلك رسلكم في البلاد، وتنادون هلم إلى الجهاد، تقولون بأفواهكم ما ليس في قلوبكم والله بعلم ما تكتمون، بل تدبون الضراء، وتسرون حسوا في ارتغاء كل ذلك بمرأى ومسمع منا، وغير غائب عنا، ولا نزداد مع حركتكم إلا سكونا، ومع تخشنكم إلا لينا، فأبقوا على الود ما دام بوفائه، وصونوا جمال الحال ما بقي بمائه:
ولا توبسوا بيني وبينكم الثرى فان الذي بيني وبينكم مثري
والعدو الذي حذرتهم نحن أشد حذرا منه، وأعظم نفارا عنه، فقد صح عندنا من أمره، ما يضيق الصدر بحمله، فيا للمسلمين! تعالوا إلى التعاون، واتفقوا ولا تفرقوا، واتقوا عاقبة الخذلان. وقد ناديت إن اسمعت، ونصحت بقدر ما استطعت، فان وافقت قبولا، ولقيت تأويلا جميلا، فان الخير عتيد، والتناول غير بعيد، وإن كان للهوى سلطان، وللتعسف