صغر تلك على عظمها، فترددت شرقا، واضطربت قلقا، حتى استوضحت من قبلك الأمر على آخره، وتلقيت عنك الخطب بموارده ومصادره، منسوقة مراتبه ومناقله، مشروحة أعجازه وأوائله، فما ساهمت إلا من تلقى ما أنهيته بنفسك، وشرب ما عاطيته بكأسك، وشاطرك الحال بنصفين، وكان هو أنت في القضية سيين، فتجرع ما تجرعت [واستفظع ما استفظعت، واستغرب ما استغربت] واعتبر بما اعتبرت، وفي الأيام والليالي معتبر، وإنها - لكما ذكرت ووصفت - عقيمة معجبة، وعنقاء مغربة، وما شهدت لها أخت إلا من أحد الفرس وأخرى من بني العباس، كما ذكرت، وقديما استغوى الشيطان، وكان للمرء سلطان، والزمان بمثلها جواد، ولإطلاع الغرائب معتاد، وقد أوتي صاحب الخضر على علمك من أقرب الولد رحما، وأضعفهم نفسا وجسما، ومن سوق بني أمية وغيرهم الجماء الغفير، والعدد الكثير، وكثيرا ما شهدنا وسمعنا بقاتل نفسه، وهي أكرم النفوس عليه، وآكل جسمه وهو أحب الجسوم إليه، وقد يفيض الداء من الدواء، ويشرق المرء بالماء، ويؤتى الحذر من مأمنه، ويجتنى القبيح من حسنه، والأدواء تثور في الولد، كما تثور في الجسد، وتتولد في القلب والكبد؛ وقرناه السوء يكدرون الأصفياء، كما يكدر المشرب العذب الدلاء، وما ندري يا سيدي [إلا] أنك أردت إقالته والله قد عثره، واعتقدت استعاذته والله قد غيره