المسلمين في ذلك إدبار وإقبال، حتى رخص عارها، وغسل شنارها، وكان آخر أمراء أجناده، المجهزين إليها في جماهير أعداده، الأمير أبو محمد مزدلي، ظبة حسامه، وسلك نظامه، ففتحها الله عليه، وأذن في تخلصها على يديه، في شهر رمضان سنة خمس وتسعين، كتب الله في عليين، وجزاه عن جده [25أ] وجهاده أفضل جزاء المحسنين.
وفي ذلك كتب أبو عبد الرحمن بن طاهر إلى الوزير أبي عبد الملك ابن عبد العزيز [رقعة] يقول فيها: كتبت منتصف الشهر المبارك، وقد وافى بدخول بلنسية - جبرها الله - الفتح، بعد ما خامرها القبح، فأضرم أكثرها نارا، وتركها آية للسائلين واعتبارا، وتغشاها سوادا، كما لبست عليه حدادا، فهي تنظر من طرف خفي، وتتنفس عن قلب يقلب على جمر ذكي، غير أنه بقي لها جسمها الأنعم، وتربها الأكرم، الذي هو المسك الأذفر، والذهب الأحمر، وحدائقها الغلب، ونهرها العذب، وبسعد أمير المسلمين [وناصر الدين] وإقباله عليها ينجلي