وقع في هراش، وتفرقت الظباء على خراش، ودفع إلى النظر في أمور سلطانية لم يتقدم قبل في غوامض حقائقها، وإلى ركوب أساليب سياسية لم يكن له عهد باقتحام مضايقها، ولا بالدخول في ضنك وآزقها، ولم يعلم أن تدبير الأقاليم غير تلقين الخصوم، وان عقد ألوية البنود، غير الترجيح بين العقود، وانتحال الشهود، وشغل بما كان احتجن من بقية ذخائر ابن ذي النون وشيعته عن استجلاب الرجال، والنظر في شيء من الأعمال، وانفضت عنه تلك الجملة اليسيرة [من الخيل] المرابطية التي كان تعلق بسببها، وموه على الناس بها، لضيق المذاهب، وغلظة ذلك العدو المصاقب، وقوي طمع رذريق في ملك بلنسية فلزمها ملازمة الغريم، وتلذذ بها [تلذذ] العشاق بالرسوم، ينتسف أقواتها، ويقتل حماتها، ويسبق إليها كل أمنية، ويطلع عليها من كل ثنية، فرب ذروة [24أ] عز قد طالما تلددت الأماني والنفوس دونها، ويئست الأقمار والشموس من أن تكونها، قد ورد ذلك الطاغية يومئذ معينها، وأذال مصونها؛ ورب وجه كانت تدميه الذر، وتحسده الشمس والبدر، ويتغاير عليه المرجان والدر، قد أصبح درية لزجاجه، ونعلا لأقدام أراذل أعلاجه، وبلغ الجهد بأهلها والامتحان، أن أحلوا محرم الحيوان، وأبو أحمد المذكور في أنشوطة ما سهل وسنى شرقا بعقبى ما جر على نفسه وجنى، يستصرخ أمير المسلمين على بعد