ومن أخرى: وقد نظمت أنسا، وبسطت مني نفسا، كان نأيك قبضها، وفراقك أوحشها وأمرضها، ولله هزلك ما أرقه وأعبقه، وجدك ما أروقه وأعتقه، إنك لفارس زمانهما، وغارس بستانهما، وإن كنت أنحيت في عتابك، وأربيت في غلوائك لسجرائك في كتابك، فانه حلو من الرضى، محمول بصحيح الهوى، ولم أشك في الذي تضمنه من نزاعك [نحوي] ، والتياعك لعبدي، وفي تلاحظ القلوب سلوة، [وفي تسارب الكتب راحة ونشوة] ، أسأل إدالة الانتزاح بقرب يعجله، على ما نؤمله.
وعرضت عليه رقعة رجل يتزهد، وهو بالضد، أطال فيها اللفظ بالوعظ وردد، فأجابه ابن طاهر برقعة يقول في فصل منها: ورد كتابك فوعظ وذكر، ونصح فبصر، ونبه من سنة الغفلة، واغترار المهلة، [17أ] وحذر من يوم الندامة، وبعث يوم القيامة، فيرحمك الله من هاد، وخائف معاد، ومبتغي إرشاد، وداع إلى صلاح وسداد، لقد حركت أنفسا قاسية، وهززت جندلة راسية، قد تحكم فيها ضلالها