وتوبة واستغفار، ولو أنك تمعن نظرك، وتدمن تدبرك، لما طارت بك فتخاء نشاطك، ولما توهمت أنك إن جادلت لم أعاطك، كلا، فان خصمك لا ينكل، على أن لسانك الأطول، فكيف أضعك أبا عامر - كما زعمت - موضع قدح الراكب، وأنت بمنزله ما بين العين والحاجب، وأصول بك على الأباعد والأقارب، ولم أذهب إلى تأخيرك في العنوان، وإن كنت شيخ الأوان، إلا عناية بك وتحقيقا لدعاويك، فيما تنكره من سنيك، وبقولك بملء فيك: إنك أصغر القوم سنا لا جسما، ولقد شهدت بما قلت عدوانا وظلما، لأن ما يبدو من تغضبك يكذبني، وحسبي أن العقوبة منك ما مطلتني، وهذا جزاء الافتراء، وعاقبة المسامحة والإغضاء، فأين عزبت عنك بوادر فطنتك، أم أين غربت شمس فهمك وتثبتك - لقد أوليت اليد كفرانا، وقابلت بالاساءة إحسانا، ولو أني وفقت [لصدرت بك] ، إذ تجري هذه المعاني على الأنسان، ولدللت على ما يخفيه المقراض من شيبك ويعانيه من هرم شبابك، وقد ولاك قفاه [إعراضا] وطلقك ثلاثا، فحينئذ كنت تحمد وتقول: فدتك النفس والولد، وإنما من الله لعظة لأهل الزور، وعثرة منك بينة العثور، لا أقيلك فيها، ولا أقول لك: لعا، منها.