قدر، وكان الشاعر إذا وفد عليه، أو مثل بين يديه، أخذ يناقشه الحساب، ويغلق دونه الأبواب، وينتحيه بضروب نقده، ويصب عليه من شآبيب برده، حتى يخرج بين الحائط والباب، ويرضى من الغنيمة بالاياب، على ذلك حجج أصحها جهله، وأوضحها بخله.
حدثني من شهد ذا الوزارتين ابن عمار - المتقدم الذكر - وهو يقول: إيه عنك يا ذا الوزارتين! بأي شيء عارضت قصيدتي:
أدر الزجاجة فالنسيم قد انبرى
أبقولك في أول قصيدة:
أشممت نشرك أم شممت العنبرا
ومصصت ريقك أم مصصت السكرا
ومن ذكر هذا وأشباهه من القول، حتى عدل به عن سبيل الطرب، وكاد ينشق عليه جلده من الغضب.
وأخبرني من سمع ابن رزين في ذلك المجلس أو نظيره يقول [12ب] لمسلم المغني، وكان بحضرته يومئذ: أنا والله أغنى منك، وأشعر من ذلك يعني ابن عمار، فقال له ابن عمار، بذرب جنانه، وسلاطة لسانه: وأرقص ممن - أعزك الله - فلم يحر جوابا، وعاد نشاطه إطراقا واكتئابا.
وكان أدخل نفسه أيام إناخة الأمير مزدلي على بلنسية، فما أمر