وجنان فتنة، قل الناس فأمروا، وخلا لهم الجو فباضوا وصفروا، وغاظوا الجماعة بقرطبة مدة أيامهم، ودرسوا أحساب الأحرار بأقدامهم، مستمتعين بدنياهم، غافلين عن عادة الله في من جرى مجراهم، فربما سقطت الفتنة عليهم بزعماء الأنام، وزفت إليهم عقائل الكلام، فيعكفون منهم على رسوم ديار، وأصداء قفار، سواء عندهم سجع البلبل ورغاء الإبل، وسيمر في عرض القصص جملة من غرائب ضياع الأدب، في مدة أولئك المجابيب الصقلب، مما فيه عظة لمن اعتبر، وكان له نظر فنظر، وبصيرة فتدبر.
رجع الحديث إلى سياقة نص ابن حيان:
قال أبو مروان: فمن غرائب هذه [الليالي و] الأيام، اللاعبة بالأنام، أن مباركا ومظفرا المذكورين كانا وليا أولا وكالة الساقية ببلد بلنسية، ثم اتفق أن صرفا عنها فدخلا على الوزير عبد الرحمن بن يسار أيام خدمته بها سنة إحدى وأربعمائة، وقد دعيا للحساب، فكلماه ومسحا أعطافه، ولثما أطرافه، فكتب لهما بما نفعهما، وكان سببا لردهما